شذارات استراتيجية
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب / مصطفى بن خالد
لندن. 22/12/2024
إرادة الشعب اليمني هي مفتاح الحل
إن من يراقب المشهد الراهن، ومأساوية الوضع الذي يعيشه اليمنيون في ظل انقسامات مميتة وصراعات تغذيها أطراف محلية وإقليمية ودولية. بالفعل يرى، اليمن واقعٌ تحت قبضة مليشيات متناحرة، وتحالفات متناقضة، ومعاناة شعبية قاسية تتفاقم يومًا بعد يوم.
التفكك الشامل :
يرى بوضوح الخراب الذي اجتاح اليمن شمالًا وجنوبًا.
المحافظات أصبحت كنتونات مقسمة، تحكمها مليشيات متصارعة كل منها تخضع لداعميها الإقليميين والدوليين. هذا التفكك تجاوز الجغرافيا إلى تمزيق النسيج الاجتماعي، ليصبح المواطن ضحية لكل الأطراف، سواء في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب.
ما يحدث في صنعاء ،عدن، تعز، الحديدة، مأرب، وحضرموت، المهرة بالإضافة إلى محاصرة المناطق بعضها لبعض، يشير إلى انهيار شامل لمفهوم الدولة المركزية، واستبدالها بمليشيات تتحكم في مصير ملايين المواطنين دون مراعاة لحقوقهم الأساسية.
الحصار والمجاعة:
ضحايا بلا صوت
ان مأساة الحصار المزدوج الداخلي والخارجي، يقتل المواطن بصمت. لا مرتبات تُصرف، ولا خدمات تُقدَّم، ولا اقتصاد يعمل، أما المجاعة والأوبئة، فهي عناوين الحياة اليومية، حيث صار الموت البطيء مصيراً لا مفر منه للكثيرين.
الحالة الاقتصادية والتعليم والثقافة :
فحدث ولا حرج انهيار المؤسسات المالية، تهريب رؤوس الأموال، تهريب الآثار والعبث بالمواقع التاريخية وتجريف التعليم والثقافة هي أدوات تُجهز على مستقبل البلاد. فكيف يمكن لشعب مجوّع، مريض، ومحاصر أن يجد لنفسه فرصة للتعافي أو المقاومة؟
الفساد والاستبداد:
الفساد المستشري في منظومات الحكم المتصارعة جعل المواطن يفقد الثقة في أي جهة، حتى بات يشعر باليأس من إمكانية التغيير. كما أن استبداد الحاكمين – الذين لا يرون في الشعب إلا وسيلة للهيمنة والبقاء – يفاقم الانقسام ويغلق أبواب الحوار والمصالحة.
مع الأسف ونقولها بحرقة، هذه المليشيات وقادتها لا يرون مصلحة في الحل السياسي، لأن الحل يعني تقاسم النفوذ أو التخلي عنه، وهو أمرٌ لا يروق لمن أعتاد على الحكم بالقوة والغلبة.
الأزمة الإقليمية وأثرها على اليمن
لا يمكن فصل مأساة اليمن عن المشهد الإقليمي العام. ما يجري في فلسطين ولبنان وسوريا، وحتى السودان وليبيا، جزءٌ من منظومة متكاملة تعكس انهيار النظام العربي، واستسلامه لمخططات التفكيك التي ترعاها قوى دولية وإقليمية.
فالاستبداد والفساد أضعف الشعوب، وأفقدها القدرة على الدفاع عن نفسها. في ظل هذه الظروف، أصبح المواطن العربي يرى في الخارج – حتى لو كان غازياً – منقذاً من طغيان حكامه.
ما الحل؟
الحل لا يمكن أن يأتي من الخارج هو الحقيقة التي يجب أن يدركها كل يمني شريف، التعويل على الأمم المتحدة أو مجلس الأمن لن يحقق شيئاً سوى إطالة أمد الأزمة، كما أن الاعتماد على القوى الإقليمية والدولية التي تستثمر في الصراع لن يجلب إلا مزيدً من الخراب.
الحل الحقيقي يبدأ من الداخل،
عبر:
1.- الحوار الوطني الصادق:
الذي يشمل كل أطياف المجتمع اليمني بعيداً عن الإقصاء والتهميش.
2. - المصالحة الوطنية:
كخطوة أولى لتجاوز الماضي المؤلم وبناء مستقبل مشترك.
3. - إعلاء صوت المجتمع المدني: وتحريك الشارع بالمطالبات السلمية بحقوق الشعب الأساسية.
4. - رفض التبعية للخارج:
والتخلص من الوهم بأن القوى الأجنبية قد تكون حريصة على مصلحة اليمنيين أكثر من أنفسهم.
أهمية الإرادة الشعبية:
اليمنيون عبر تاريخهم أثبتوا قدرتهم على النهوض من بين الركام، إرادة الشعب اليمني هي مفتاح الحل، لكن هذه الإرادة تحتاج إلى تنظيم وتوحيد صفوفها بعيداً عن الحزبية والطائفية والمناطقية.
"اليمن لا يمكن أن تحكمه جهة واحدة”، عبارة تلخص تاريخ البلد وطبيعة أهله، التعددية والقبول بالآخر هي السبيل الوحيد لإنقاذ الوطن، وإعادة بناء الدولة على أسس العدالة والمواطنة المتساوية.
الخلاصة:
الحقائق وموجعة، لكن لازال يحدونا الأمل في قدرة اليمنيين على تجاوز أزمتهم بأنفسهم. لا خيار أمام الشعب إلا الوثبة وإرغام كافة الاطراف التي تتقاتل بالوكالة للأجنبي على العودة إلى الحوار والمصالحة، وإعلاء صوت العقل والمصلحة الوطنية فوق المصالح الضيقة.
اليمن لا يحتاج إلى انتظار الفرج من الخارج، بل يحتاج إلى إرادة داخلية صلبة تستعيد الكرامة والسيادة، وتبني المستقبل بعيداً عن أوهام الغلبة والتفرد.
هذا،،،،
والله من وراء القصد
0 تعليق