شذرات إستراتيجية
بسم الله الرحمن الرحيم
مـــصـــطــفـــى بن خالد
في مسار التاريخ اليمني الحديث، ثمة رجال لا يُقاس حضورهم بحدود مناصب تقلّدوها، ولا بزمن عاشوه، بل بما تركوه من أثر خالد يتجاوز اللحظة، ويتسرب إلى الوجدان الجمعي كعلامة فارقة لا تزول .
هؤلاء هم الذين لا تصنعهم الصدفة ولا تُنجبهم العادية، بل يُولدون من رحم المعاناة، وتُصهر أرواحهم في أتون المحن، ليغدوا مشاعل تُنير دروب أمة بأكملها .
ومن بين هذه القامات السامقة، يسطع اسم اللواء حمود الجايفي، ذاك الضابط الذي لم تكن بندقيته أداة قتال وحسب، بل كانت تجسيدًا لوعيٍ متوقد، وإيمانٍ راسخ بأن الحرية لا تُستجدى بل تُنتزع، وأن الأوطان العظيمة لا تُبنى على الرضا بالقيود بل على كسرها .
كان الجايفي أكثر من مجرد قائد عسكري؛ كان رجل فكرة ورجل موقف، جمع بين صرامة الميدان ورحابة الأفق السياسي، بين وعي المثقف ونُبل المقاتل، وبين صلابة المناضل ومرونة رجل الدولة .
لقد عاش حياته كلّها في مواجهة مستمرة مع الاستبداد والتخلف، مؤمنًا أن اليمن يستحق أن يكون وطنًا حرًا كريمًا، وأن الشعب اليمني قادر على أن يكتب تاريخه بدمه وعرقه وصبره .
من وادي ظهر إلى بغداد، ومن سجن حجة إلى جبهات سبتمبر، ومن مقاعد الحكومة إلى مقرات السفراء، ظل الجايفي حاضرًا في قلب الأحداث، لا يغيب عن معركة، ولا يتوارى عن موقف، ولا يتردد حين يستدعيه الوطن .
إن استحضار سيرة حمود الجايفي اليوم ليس مجرد وفاء لذكرى رجل رحل، بل هو استعادة لمرحلة بأكملها، لروح ثورة غيّرت مسار اليمن، ولرمزية جيل آمن أن الحرية تستحق أن تُفتدى بالحياة ذاتها .
فالرجل لم يكن شاهدًا على ميلاد الجمهورية فحسب، بل كان من صانعيها الأوائل، ومن حرّاسها الأشداء، ومن الذين دفعوا أثمانها الباهظة عن يقين ورضا .
البدايات …
من وادي ظهر إلى بغداد
في مطلع عام 1918، أبصر حمود الجايفي النور في قرية وادي ظهر التابعة لمديرية همدان بمحافظة صنعاء. كانت البيئة التي احتضنته بيئة ريفية هادئة، تتسم ببساطة العيش وصلابة الأرض وعمق الارتباط بالتقاليد . غير أن روح الجايفي، المجبولة على الطموح، لم تكتفِ بحدود القرية، بل راحت تتطلع إلى آفاق أوسع، تدفعه نحو العلم والانضباط العسكري، كأن القدر كان يُهيئه لدور يتجاوز محيطه الصغير ليبلغ ساحة الوطن بأسره .
بدأ دراسته الأولى في مدارس صنعاء، قبل أن يلتحق بالمدرسة الحربية، فاتحًا لنفسه طريقًا جديدًا نحو مستقبل مغاير .
وفي عام 1935، كان من بين القلة المحظوظة الذين أوفدوا إلى العراق للالتحاق بالكلية العسكرية في بغداد، التي كانت آنذاك منارة إقليمية للفكر العسكري الحديث .
هناك، وفي أجواء مشبعة بالتيارات القومية وحركات التحرر، صُقلت شخصيته، وتبلورت رؤيته، وازداد وعيه بأن اليمن بحاجة إلى نهضة تُخرجه من أسر الجمود والتخلف .
تخرج الجايفي عام 1937 برتبة ملازم ثانٍ، لكنه لم يعد مجرد ضابط يحمل شارة عسكرية، بل عاد محمّلًا بروح جديدة ورؤية مختلفة .
لقد غادر اليمن شابًا يافعًا يسعى إلى المستقبل، وعاد إليه رجلًا يحمل بذرة التغيير في وجدانه، وإيمانًا راسخًا بأن التحرر لا يتحقق إلا بوعي يُصاحبه سلاح، وبأن بناء وطن حديث يبدأ من بناء جيش وطني واعٍ وفاعل .
ثورة الدستور …
البداية المرة
حين عاد حمود الجايفي إلى اليمن عام 1940، عاد وهو يحمل في صدره شحنة من الوعي الجديد الذي تفتّح في بغداد، عاد ليلتحق بالجيش، لكنّه لم يكن ضابطًا عاديًا يكتفي بالتعليمات والانضباط، بل كان مؤمنًا بقضية كبرى :
أن يستعيد اليمن مكانه الطبيعي بين الأمم الحرة، وأن يتحرّر من أغلال الإمامة التي كبّلت الشعب قرونًا طويلة .
وفي عام 1948، كان الجايفي على موعد مع أول اختبار حقيقي لمبادئه، حين اندلعت ثورة الدستور، تلك المحاولة الجريئة التي قادها نخبة من العلماء والضباط والمثقفين لإنهاء الحكم الإمامي المطلق وإقامة نظام دستوري حديث .
كان إلى جانب الضابط العراقي الشهيد جمال جميل، ومعه كوكبة من الشباب الضباط الذين تشاركوا الحلم ذاته :
أن يصبح اليمن وطنًا للحرية والعدل لا مزرعة للإمام وأعوانه .
لكن الحلم سرعان ما اصطدم بجبروت القوة والبطش والتخلف والانحطاط الاخلاقي والقيمي، واستباح الكهونوت وزمرته المجرمة، مدينة صنعاء العاصمة، وأُجهضت الثورة، وسُفكت دماء قادتها على المشانق وساحات الإعدام، ليكتب التاريخ أولى صفحاته الدامية في مسيرة التحرر الوطني .
وزُج بحمود الجايفي ورفاقه في سجون حجة المظلمة، حيث قضى سبع سنوات طويلة بين جدران الحجر البارد ورائحة الرطوبة والموت .
كانت قوائم الإعدام تترصده في كل لحظة، وكان السجن بالنسبة له ليس فقط حرمانًا من الحرية، بل مواجهة يومية مع احتمال النهاية .
ومع ذلك، خرج الجايفي من السجن أكثر صلابة، وأكثر وضوحًا في الرؤية، وأشد إصرارًا على أن الحلم لا يموت خلف القضبان .
لقد علّمته التجربة أن الثورات لا تُهزم بالرصاص ولا تُدفن في السجون، بل تتحوّل إلى بذورٍ كامنة تنتظر لحظة الانفجار من جديد .
وهكذا، صار الجايفي بعد خروجه من حجة رمزًا حيًا للإرادة التي لا تنكسر، وصوتًا من أصوات اليمن الجديد الذي يتخلّق من بين ركام الهزيمة .
من السجن …
إلى قيادة الجيش
خرج حمود الجايفي من سجن حجة مثقلاً بسبع سنوات من العزلة والقهر، لكنه لم يخرج مكسورًا، بل أكثر صلابة وإصرارًا على أن الهزيمة لحظة عابرة، وأن مسيرة الحرية أطول من أعمار الطغاة .
لقد حمل من ظلمات الزنازين نورًا داخليًا جعله أكثر تصميمًا على أن يكون جزءًا من عملية التغيير القادمة، لا شاهدًا على تكرار المأساة .
وبمجرد أن استعاد حريته، انخرط في بناء نواة الدولة الحديثة عبر الجيش .
عُيّن مديرًا لميناء الحديدة، وهناك برزت كفاءته الإدارية وحنكته القيادية .
ثم جاءت نقلة نوعية في مسيرته حين رُقّي عام 1957 إلى رتبة زعيم (ما يعادل عميدًا)، وأسندت إليه مهمة إدارة الكلية الحربية .
كانت هذه المهمة بالنسبة له أكثر من منصب عسكري؛ كانت رسالة ورسالة كبرى :
أن يُنشئ جيلاً جديدًا من الضباط، لا تدين ولاءها لشخص الإمام ولا لمراكز النفوذ التقليدية، بل للوطن وحده .
في الكلية الحربية أشرف على الدفعة الأولى والثانية ومن ثم أسّس مدرسة الأسلحة، التي لم تكن مجرد معهد لتلقين تقنيات السلاح، بل فضاءً لغرس عقيدة جديدة في وعي الضباط الشباب :
أن البندقية ليست وسيلة للهيمنة ولا عصًا لحماية الطغيان، بل أمانة في يد حامليها، وحرّاس لحرية الشعب وكرامته .
وهكذا تحوّل الجايفي من سجين سياسي مهدد بالإعدام إلى صانع رجال وقادة، يغرس فيهم ما صاغته التجربة المريرة من إيمان بأن الحرية تُبنى على وعي السواعد التي تحمل السلاح .
لقد كانت تلك المرحلة بمثابة التمهيد الحقيقي لثورة 26 سبتمبر؛ ففي أروقة الكلية الحربية وبين صفوف الضباط الشباب، أخذت ملامح الجيش الجمهوري الوليد تتشكل، وتحت إشراف الجايفي تفتحت البذور الأولى لتنظيم الضباط الأحرار، الذين سيفتحون بعد سنوات قليلة أبواب الفجر الجديد لليمن .
سبتمبر …
فجر الجمهورية
في فجر السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962، دوّى في سماء صنعاء صوت المدافع، معلنًا أن عهدًا بأكمله قد انتهى، وأن شمس الحرية قد بزغت على وطن ظل طويلًا أسيرًا لليل الإمامة المديد .
كان اللواء حمود الجايفي في قلب المشهد، داخل أسوار الكلية الحربية، حيث تلاقت إرادة الرجال مع أمل الشعب، وحيث تحوّل الحلم المؤجل إلى واقع يتنفس هواء الصباح.
لم يكن الجايفي مجرد ضابط مشارك في الثورة؛ كان أحد العقول المدبرة والقلوب المؤمنة بأن لحظة الخلاص قد حانت .
وبينما كانت المدافع تهزّ صمت صنعاء، كان هو يقود، يخطط، ويشارك ميدانيًا في تثبيت أركان الثورة الوليدة . لقد أدرك أن نجاح اللحظة الأولى لا يكفي، وأن الثورة تحتاج إلى حماية من ارتداد الماضي وقوة الرجعية .
وبعد أن نجحت الثورة في العاصمة، لم يكتفِ بالوقوف عند حدود النصر الأول، بل انطلق يقود حملة عسكرية كبرى من الحديدة، هدفها محاصرة الإمام البدر وفلوله في حجة، وتطويق آخر محاولاتهم للعودة إلى السلطة . كان ذلك التحرك حاسمًا، ليس فقط في توطيد أركان الجمهورية الفتية، بل في كتابة اسم حمود الجايفي في الصفوف الأولى لصُنّاع سبتمبر ورجال التحول التاريخي لليمن .
لقد كان سبتمبر بالنسبة لليمنيين ميلادًا جديدًا، وكان بالنسبة لحمود الجايفي لحظة التتويج لمسيرة نضالية بدأت منذ شبابه، وتواصلت عبر السجون والمعاناة، حتى تجسدت في تلك الليلة الخالدة التي غيّرت وجه اليمن إلى الأبد .
المناصب والمسؤوليات
… رجل الدولة والجيش
لم يكن اللواء حمود الجايفي مجرد ضابط عسكري، بل كان رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
تنقّل بين المناصب والمسؤوليات، وكان حاضرًا في كل محطة مفصلية من تاريخ الجمهورية، حاملاً عبء الدفاع عن الدولة الوليدة، ومقدّرًا لحساسية اللحظة الوطنية التي تتطلب رؤية ثاقبة وقرارًا حازمًا .
كان أحد صُنّاع القرار الكبار وعضوًا في مجلس قيادة الثورة .
على المستوى العسكري، تولى منصب وزير الحربية في أول حكومة بعد الثورة، ليضع أسس الجيش الجمهوري ويخطط لبناء المؤسسة العسكرية على أسس وطنية وحديثة .
وفي الوقت نفسه، حمل لواء الجمهورية إلى الخارج، حين عُيّن سفيرًا في القاهرة، حيث مثّل الجمهورية الفتية أمام الأشقاء في مصر، ناشرًا رسالة اليمن الجديد ورؤية قيادته النيرة في قلب العالم العربي .
بين الأعوام 1964 و1965، تقلّد رئاسة الوزراء، في فترة حرجة من صراع الجمهوريين والملكيين، فقاد الدولة بحكمة وحنكة، محافظًا على التوازن بين السياسة الداخلية والاستحقاقات الأمنية والعسكرية .
كما تولّى مناصب وزير الاقتصاد والخزانة، ورئيس مجلس الدفاع الوطني، وعضو المجلس الجمهوري، مساهمًا في وضع اللبنات الأولى للدولة الحديثة وتنظيم مؤسساتها .
وفي عام 1966، عاد ليشغل منصب وزير الحربية للمرة الثانية، قبل أن يتقلّد منصب القائد العام للقوات المسلحة بعد معركة حصار السبعين يومًا، حيث صمدت صنعاء في وجه أعنف هجوم ملكي، مثبتة أن الجمهورية قد رسخت جذورها وأن رجالها مستعدون للدفاع عنها بكل قوة وعزم .
ولم يتوقف عطاؤه عند حدود الوطن الداخلي، بل حمل رسالة اليمن إلى المحافل الدولية، حين عُيّن سفيرًا لدى ليبيا عام 1974، ثم المملكة العربية السعودية عام 1976، حيث لعب دورًا محوريًا في تعزيز العلاقات الدبلوماسية وتأمين دعم الأصدقاء للأمن والاستقرار الوطني .
لقد جمع الجايفي بين صرامة العسكري وحكمة السياسي ورؤية رجل الدولة، فكان رمزًا للقدرة على الجمع بين القوة والتنظيم والوعي الاستراتيجي، رمزًا لمن يستطيع أن يقود وطنًا في أصعب اللحظات، ويحافظ على مساره رغم تقلبات التاريخ .
وفاته وإرثه …
رجل لا يموت
في 22 مارس 1985، رحل اللواء حمود الجايفي عن هذا العالم في العاصمة العربية المصرية القاهرة، لكنه لم يرحل حقًا، فاسمه صار محفورًا في ذاكرة اليمن، وذاكرة كل من آمن بأن الحرية لا تُهدى بل تُنتزع، وأن بناء الدولة مسؤولية لا يمكن أن تُؤجل .
نقل جثمانه إلى وطنه ليُدفن بين ترابه الذي أحب، لكن إرثه ظل حيًا، يتردد في صدى كل ذكرى ثورة، وفي كل حكاية عن صمود صنعاء، وفي كل صفحة من صفحات الجمهورية التي ساهم في تأسيسها وحمايتها .
لقد كان الجايفي أكثر من مجرد قائد أو سياسي؛ كان رمزًا للثبات والإرادة والشجاعة، رجلًا حمل حلم الأجيال على كتفيه، وصنع تاريخًا بمزيج من الفكر والرؤية والتضحية .
صموده في السجن، قيادته للجيش، إشرافه على بناء الدولة، ومشاركته في فجر 26 سبتمبر، كل ذلك جعله صوتًا خالدًا للحرية، ونبراسًا لكل من يؤمن بأن الوطن يستحق التضحية .
إن استحضار سيرته اليوم ليس مجرد تأمل في التاريخ، بل استعادة لدروس عظيمة :
أن الحرية لا تُكتسب إلا بالوعي، وأن الدولة لا تبنى إلا بالانضباط والتضحيات، وأن الرجال العظام لا يموتون، بل يُخلّدون في روح الأمة التي خاضوا من أجلها كل المعارك .
اليوم، ونحن نستعيد حياة اللواء حمود الجايفي، نستعيد صورة الرجل الذي تحول من ضابط شاب يحمل حلمًا، إلى قائد ملهم ورمز قومي، إلى صانع قرار ومرجع وطني، إلى رجل خلّد اسمه في صفحات التاريخ، وترك بصمة لا تمحى في ذاكرة اليمن العظيم .
الخلاصة :
اللواء حمود الجايفي لم يكن مجرد ضابط أو سياسي، بل كان رمزًا حيًا للحرية والوطنية والإرادة الصلبة .
منذ نشأته في وادي ظهر مرورًا بتكوينه العسكري في بغداد، ومشاركته في ثورة الدستور، وسجنه الطويل في حجة، وصولًا إلى قيادته للجيش وبنائه الدولة بعد ثورة 26 سبتمبر، ظل الجايفي مثالًا للرجل الذي يجمع بين الفكر والرؤية والعمل والتضحية .
لقد كتب اسمه بحروف من نور في تاريخ اليمن الحديث، ليس فقط كقائد عسكري أو رئيس وزراء أو وزير وسفير، بل كرمز للنضال والصمود، ومثل أعلى لكل من آمن بأن الحرية والكرامة تستحقان التضحيات .
صموده في السجن، إشرافه على بناء الجيش، قيادته للثورة، ومشاركته في كل محطة مفصلية من الدولة الوليدة، جعلت منه أيقونة وطنية خالد اسمها في ذاكرة الشعب اليمني .
حمود الجايفي ليس مجرد صفحة من الماضي، بل دروس حية للأجيال القادمة :
أن التضحية من أجل الوطن، والثبات في مواجهة الطغيان، والعمل من أجل بناء مؤسسات الدولة، هي وحدها التي تصنع الفرق بين الرجال والأبطال، وبين الشعوب التي تُكتب لها الحرية وتلك التي تُحرم منها .
باختصار، كان الرجل الذي صاغ من صبره ملحمة جمهورية، ومن عزيمته جسرًا للحرية، ومن اسمه سفرًا خالدًا في ذاكرة اليمن، كواحد من أعظم رجالاته وأصدق أبنائه في العصر الحديث .
رسالة إلى شباب اليمن…
يا شباب اليمن، أنتم جيل الفجر الجديد، أنتم السواعد التي تنتظرها الأرض، والقلوب التي لا يخذلها التاريخ. إن وطنكم اليوم يئنّ تحت وطأة صراعات بالوكالة، وتشتت تُغذيه أطماع الخارج، وفوقه طبقة من النخب الفاسدة التي شاخت على الكراسي، وعفا عليها الزمن، حتى صارت عبئًا على الوطن بدل أن تكون عونًا له .
لقد آن الأوان أن تقولوا كلمتكم، أن تكسروا قيود الصمت، أن تُزيحوا من أعاق مسيرة وطنكم لعقود، وأن تأخذوا أنتم زمام المبادرة، لا لتقودوا معركة السلاح فقط، بل معركة الوعي، معركة البناء، معركة استعادة الدولة من بين أنياب الطغيان والفساد والوصاية .
تعلموا من تاريخكم، من رجال كـ حمود الجايفي، الذين لم ينتظروا إذنًا من أحد، بل كتبوا بدمائهم مستقبل وطن .
فكونوا أنتم الامتداد الطبيعي لذلك الإرث، امتدادًا لا يساوم على الحرية، ولا يركع أمام الوصاية، ولا يبيع الوطن في سوق السياسة الرخيصة .
اليمن لن يُنقذها إلا أبناؤها، ولن ينهض بها إلا شبابها، ولن يكتب مستقبلها إلا الجيل الذي يقرر أن يكون سيد قراره، وحصن أرضه، وحارس كرامته، وصوت حريته .
انهضوا … فالتاريخ لا ينتظر المترددين، والأوطان لا يُبنيها الجبناء .
اصنعوا يمناً جديدًا، يليق بأحلامكم، ويرتقي إلى تضحيات من سبقكم .
فأنتم الوعد الأخير، والأمل الكبير، والقدر الذي لا مفر منه.
0 تعليق