بسم الله الرحمن الرحيم
كتب / مصطفى بن خالد
كوارثنا نحن العرب والطريق إلى العدالة والتنمية
( النهضة لا تصنعها الشعارات،
بل قيادة حكيمة وشعب حي )
عن الثنائية المأساوية بين الشعوب وقياداتها واقعاً تعيشه دولنا العربية، وجعل المقال مرآة تعكس أزمات مستعصية وتجارب ماضية أضاعت بوصلة النهضة. هذا التوهان وانعدام الانسجام، بحاجة إلى تشريح لحالة سياسية واجتماعية وإعادة صياغة العقد بين الحاكم والمحكوم، بما يضمن أن تكون الشعوب في قلب القرار، لا على هامشه.
إن أبرز ما يميز الدول المضيئة هو قدرتها على تحقيق التوازن بين القيادة المسؤولة والشعوب الواعية. دول حيث القادة يرون أن خدمتهم لشعوبهم شرف وواجب، وليس استثماراً ذاتياً أو صراعاً على البقاء. تلك الدول نجحت لأن قياداتها وضعت المواطن في الصدارة، وكرّست طاقاتها لبناء مؤسسات راسخة تضمن التنمية والتعليم والصحة والاستقرار.
مقومات النهضة:
درس من التجارب الناجحة
1- العدالة والتنمية كأولوية:
-لا يمكن لأي دولة أن تتقدم وشعوبها تتجرع مرارة الفقر والبطالة. الدول الناجحة صنعت نموذجاً من العدالة الاجتماعية التي تحفظ الكرامة وتفتح أبواب العمل والتنمية. لا يمكن للحديث عن النهضة أن ينفصل عن الخبز اليومي وحق التعليم والسكن اللائق.
2- الاستثمار في العلم والفكر:
-الإبداع الإنساني هو أثمن مورد تمتلكه الدول. في البلدان المزدهرة، العلم هو أساس السياسات والخطط، وهو ما جعلها قادرة على مواكبة العصر. في المقابل، إهمال العلم لصالح الشعارات هو أحد أسباب التراجع، حيث يغيب العقل لصالح الجمود، وتبقى المجتمعات أسيرة خطاب لا يعكس احتياجاتها.
3- المشاركة السياسية الحقيقية:
-الدول التي تتغير قياداتها دون “كسر بيضة” كما أشرتم ليست مجرد حظوظ تاريخية، بل نتيجة لنضج سياسي ومؤسساتي. الأنظمة التي تحترم التعددية وتحمي حرية الرأي هي القادرة على إنتاج قادة يعملون من أجل الشعب وليس ضده.
4- القضاء على عقلية التوريث والسلطة المطلقة:
- كثير من مآسي الشعوب العربية تبدأ عندما تتحول السلطة إلى غاية بحد ذاتها. القيادة ليست ملكية فردية، بل تكليف عظيم. الدول الناجحة لا تخشى تداول السلطة ولا ترى في المعارضة خطراً، بل شريكاً في البناء.
5- نبذ الأوهام والتمسك بالواقع:
-الدول الناجحة ترى في الماضي درساً لا عبئاً. تعالج قضاياها برؤية واقعية تراعي الحاضر وتخطط للمستقبل، بينما يعيش البعض أسرى قضايا تاريخية لا تسمن ولا تغني من جوع.
- ما نحتاجه اليوم
لا شك أن الشعوب العربية تملك المقومات الكاملة للنهضة، لكن ما ينقصها هو قيادة واعية، مؤسسات عادلة، وأرضية سياسية تُعطي الأولوية للمواطن لا للحاكم. إذا أرادت هذه الدول الخروج من النفق المظلم، فلا بد من أن تعيد الاعتبار للإنسان كركيزة أساسية للتقدم، ترفع من شأنه وتحمي حقوقه، وتجعل من العدالة والمساواة قيمة عليا.
- إن المعركة ليست فقط مع حكام غارقين في طموحاتهم الخاصة، ولكن أيضاً مع وعي شعبي بحاجة إلى استنهاض. لأن الشعوب التي تدرك حقوقها وواجباتها، وتطالب بها بوعي وسلمية، ستجبر أي قيادة على الإصلاح أو الرحيل.
- ختاماً
-أن هذا نداء لكل عاقل، وتذكير لكل مسؤول، أن التاريخ لا يرحم المتخاذلين، ولا ينصف إلا من حملوا همّ أوطانهم وأخلصوا لشعوبهم. الطريق إلى الخلاص يبدأ بخطوة جادة واحدة:
( أن نؤمن أن النهضة لا تصنعها الشعارات، بل قيادة حكيمة وشعب حي )
0 Comment